*من أین بدأت معرفتکم بالإمام الخمینی؟
کانت لی زیاره تشرّف -هی الأولى لسماحته رفع الله درجته فی الجنّه- مع أخٍ کریم لی من طلاّب العلم یوم کنّا فی النجف الأشرف فی دراستنا فی کلیّه الفقه والحوزه العلمیه، وذلک فی زمن إقامته فیها.
والزیاره للإمام الخمینی، وحتى لو کانت لمره واحده، تعطیک انطباعاً عن عظمته.
*من وجهه نظرکم، ما هو دور الإمام الخمینی والثوره الإسلامیه فی تغییر معادلات العالم واحیاء الإسلام المحمدی الأصیل الذی هو یعنی مدرسه أهل البیت “ع”؟
کان الإسلام مغیّباً فی مساحته الأوسع فی ساحه أمّته، ویکاد أن یکون مغیّباً تماماً على مستوى الساحه العالمیه، خاصه فی الجدل السیاسی. کان الإسلام من ناحیه عملیّه لا یرتفع له الصوت المؤثر الذی یؤبه له، کان غریباً حقّاً فی أمّته وخارجها، وکان لا ینظر لأتباعه إلاّ بالنظره المحتقره.
الحضور على مستوى الساحه الإسلامیه إنما کان على المستوى السیاسی للرجعیه المنفصله عن الطرح الإسلامی والفکر الأجنبی المعادی. والحضور الإسلامی فی حیاه المسلمین کنت إنّما تجده بدرجه ما وفی أوساط ضیّقه.
بعد الثوره الإسلامیه التی فجّرها الإمام الخمینی، والدوله المبارکه التی حقّقها الله على یدیه، عزَّ الإسلام فی أمّته وعزَّ خارجها، وصار القوه المهابه عالمیّاً، وعرف المسلمون الطالبون للحقیقه مکانه دینهم القویم، وحاجتهم وحاجه العالم کلّه له، وألاّ إنقاذ ولا نجاح للعالم کلّه إلاّ به، وارتفع صوتهم بالدعوه إلیه، وبدأت واشتدت مقاومتهم من أجله، وهان علیهم أن یبذلوا التضحیات الجسام بدافع حمایته والشعور بضروره حاکمیته.
*ما هو رأیکم فی مبدأ ولایه الفقیه ودورها فی النهضه والحرکه الإسلامیه؟
إذا کان لا إنقاذ ولا نجاه ولا نجاح للأمه والعالم إلاّ بالإسلام، بعلمه وعدله وأمانته وإخلاصه وتربیته، ولا تطبیق للإسلام فی الأنفس والأوضاع، ولا بلوغ لأهدافه إلا بحکومه العالِم العامل به، الأمین على کلّ أحکامه وأهدافه، القادر على الوفاء بأمانته، کان لابد من ولایه الفقیه العادل الکفوء لتحمّل مهمه الحکم الإسلامی العظیم الذی لا یهمّه شیء کما یهمّه رضوان الله سبحانه وغضبه.
*ما هو تقییمک لدور قائد الثوره الإسلامیه، آیه الله السید علی الخامنئی فی استمرار وازدهار الحرکه والمقاومه الإسلامیه؟
إنّ لسماحه المرشد الأعلى للثوره الإسلامیه والدوله المبارکه -بما وهبه الله عزَّ وجلّ – من مواصفات القیاده الإسلامیه الناجحه، من درجه عالیه من فقه وعداله وتقوى وخبره وکفاءه وشجاعه فی الحقّ وإخلاص لله، وإیمان متجذّر بقیمه الرساله الإلهیه، وعدم المجامله على حساب الحق للصدیق، وعدم الضعف أمام العدوّ؛ ما جعله الحامیهَ الحق لخط الثوره والدوله وقیمهما ومبدئیتهما، وحاکمیه الإسلام، والمفجّر لقابلیات الشعب الإیرانی العظیمه، وقابلیات الأمّه على خط الإسلام والمقاومه من أجله، والنهوض الدائم بمستوى قوه الشعب الإیرانی والأمّه وعظمتها، والضخ لروح الثقه والاعتزاز فیهما، وروح الهزیمه والاندحار فی الأعداء.
إنّه الشخصیّه الغنیّه بما یستلزمه موقع الولایه من شروط ومواصفات وخصائص تجعله أهلاً لأن ینال الثقه التامّه من الجماهیر المؤمنه والتسلیم لولایته.
*علاقه البحرینیین برجال‌الدین الشیعه الحقیقیین مشهوره بین شیعه العالم، ماهو أصل هذه العلاقه العمیقه؟
ارتباط الشعب فی البحرین بعلمائهم المخلصین مترشّح عن ولاء هذا الشعب وذوبانه فی الرسول الأعظم والأئمه الأطهار “علیهم جمیعاً أفضل الصلاه والسلام”، ومن وجود ثله کریمه صادقه ومخلصه من علماء الدین الذین یعوّل علیهم فی الحفاظ على قیم الدین ورعایه أحکامه، والحرص على مصالح المؤمنین.
*ما سبب کل هذا الضغط الذی یمارسه نظام الهیمنه والقمع من قبل حکام البحرین على الشعب بدعم من زعماء الدول الرجعیه فی المنطقه؟
شعب البحرین یعتز بانتمائه الإسلامی ویعیش صحوه إسلامیه ولا یرضى بالذل، ویملؤه الشعور بالإباء من وحی إسلامه، وله ارتباطه الشدید بالولاء لأهل البیت علیهم السلام، وهم النماذج الکبرى فی العزه والکرامه والتضحیه والفداء والإخلاص فی الإیمان.
وشعب البحرین لا یرضى الانفصال عن أمّته، ولا یفصل بین محنته ومحنتها، ولا بین نصره ونصرها، وأمنه وأمنها، ومن کان على درایه بمواقف الشارع البحرانی من مواقف الاستعمار الغربی، والوجود الصهیونی العدوانی على الأمّه العربیه والإسلامیه؛ یعرف تماماً غیره هذا الشعب وحمیّته بالنسبه لأمته وموقفه العملی المنتصر لقضایا الأمه.
هذا خط الشعب، أما الخط الرسمی للحکم فهو خط الارتباط المصیری بالغرب والاتکاء على دعمه، والطالب لمرضاته ضماناً للکرسی لانفصاله عن الشعب، وجَدَّ فی الأمر التطبیعُ العلنی الاستسلامی مع العدو الصهیونی خضوعاً لأمریکا ولهذا العدو، للشعور بالحاجه لحامٍ جدید وجدته السیاسه الخاطئه للنظام الرسمی المحلی فی الکیان الصهیونی والعصبیه الیهودیه المعادیه للمسلمین.
فخط الشعب وخط الحکم متصادمان، العلاقه بینهما علاقه تنافٍ وتناقض. ومن هنا یأتی استهداف الحکم الشعبَ، وسخط الشعب من الحکم.
*کیف ترى مستقبل البحرین ومستقبل الإسلام النقی الأصیل والمقاومه الإسلامیه ومصیر القوى العظمى المتغطرسه؟
الأمّه الإسلامیه الیوم متمثله فی مقاومتها وجماهیرها المؤمنه، وبما تتمتع به هذه الجماهیر من صحوه فی نمو مطّرد، ومقاومه مستمره، ومعها الدین الحق والضمیر الإنسانی، وروح النهضه الساریه، ووعد الله لعباده المؤمنین بالنصر، ولا خُلف لوعد الله، ولا رادّ له. النصر لدیننا، لأمّتنا، لمعسکرنا، ولنا وعد صریح بالنصر من الله. النصر على الطاغوتیه للمجاهدین فی سبیل الله قدر محتوم منه تبارک وتعالى فی کل مکان.
*کیف تتنبأ بنتیجه علاقه النظام البحرینی بالنظام الصهیونی من منظور القرآن الکریم؟
جاءت الاندفاعه من دول التطبیع مع العدو الصهیونی ومن أهدافها الواضحه کلّ الوضوح من أجل إرضاء أمریکا والصهیونیه وإسرائیل، طلباً لحمایتها ، والحمایه الإسرائیلیه بالخصوص لتوقع انحسار الوجود الأمریکی من المنطقه تفرغاً لاهتمامات أکبر ضروره عندها، وبما یؤثر على الثقه فی دعمها الکافی لحمایه هذه الدول.
وهی آخذه باستمرار فی ازدیاد ولائها للیهود المتعصبین لغیر الحقّ على خلاف الأدیان الإلهیه فی صورتها الصدق کلّها، ومنها الدیانه التی جاء بها النبی موسى “علیه السلام”، وذلک على حساب الولاء لله عزَّ وجلّ، ودین‌الإسلام القویم.
وللقرآن الکریم کلمته الحاسمه فی هذا الولاء الشیطانی البدیل عن الولاء لله عزَّ وجلّ:
(لَّا یَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْکَافِرِینَ أَوْلِیَاءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِینَ وَمَن یَفْعَلْ ذَلِکَ فَلَیْسَ مِنَ اللَّهِ فِی شَیْءٍ إِلَّا أَن تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاهً وَیُحَذِّرُکُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِیرُ)، ۲۸/ النساء. وذیل الآیه الکریمه فیه تحذیر شدید، وتحذیر وتهدید من الله سبحانه من أن یرفع شعار التقیه فی غیر موضعه، وحیث یقضی على الإسلام وأمّته، وحیث یکون منطلقه الاحتماء بالکافر بسبب الظلم للمسلمین والحکم الطاغوتی المتسلط علیهم قهراً.
(یَا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْیَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِیَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِیَاءُ بَعْضٍ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنکُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا یَهْدِی الْقَوْمَ الظَّالِمِینَ)، ۵۱/المائده.
ولاء الکافرین بعضهم لبعض ولاء کفر، والدخول فی ولائهم دخول عملی فی ولائه، ولا أقلّ من أن یؤدی هذا الولاء الملتحقین بالنصارى والکفار إلى نتیجه من نتیجه ولائهم.
(یَا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِینَ اتَّخَذُوا دِینَکُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِّنَ الَّذِینَ أُوتُوا الْکِتَابَ مِن قَبْلِکُمْ وَالْکُفَّارَ أَوْلِیَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِن کُنتُم مُّؤْمِنِینَ)، ۵۷/المائده.
وهذا الالتحاق بولائهم، تصف الآیه مرتکبیه من المؤمنین بالظلم الذی یحرمهم من هدایه‌الله تبارک وتعالى.
(وَلَوْ کَانُواْ یُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلنَّبِىِّ وَمَا أُنزِلَ إِلَیْهِ مَا ٱتَّخَذُوهُمْ أَوْلِیَاءَ وَلَکِنَّ کَثِیرًا مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ)، ۸۱/المائده.
إنّه لولاء خطیر بما یکشف عنه من عدم الإیمان، ومن الفسق.
(وَلَا تَرْکَنُوا إِلَى الَّذِینَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّکُمُ النَّارُ وَمَا لَکُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِیَاءَ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ)، ۱۱۳/هود.
الولاء فی مقابل الولاء لله، وغیر المنتهی إلى الولاء إلى الله باطلٌ محض، ثم إنّه لا یؤدی إلى إنقاذ أو نصر.
وغایه الاحتماء والنصر والتمکین التی یطلبها المطبّعون مع العدو الصهیونی ودویله إسرائیل غایه میؤوس منها.
الإیمان الحقُّ قاضٍ بأن طلب العزّه من ولاء الکافرین تعلّق بالوهم الذی یوقع فیه ضلال الرؤیه، وایحاء الشیطان الرجیم، إنَّه یقیناَ ألاّ عزّه إلاّ لله وبیده، (ٱلَّذِینَ یَتَّخِذُونَ ٱلْکَفِرِینَ أَوْلِیَاءَ مِن دُونِ ٱلْمُؤْمِنِینَ أَیَبْتَغُونَ عِندَهُمُ ٱلْعِزَّهَ فَإِنَّ ٱلْعِزَّهَ لِلَّهِ جَمِیعًا)، ۱۳۹/النساء.
والیهود کغیرهم من خلق الله لا یملکون العزّه لأنفسهم، ولا یملکون أن یعطوها للغیر بغیر إذن الله، ولمن شاء الله إذلاله على أنهم ممن لا ینبغی أن یوثق بعهودهم ومواثیقهم، فالتعلق بهم وبعهودهم خاسر من الجهتین.
یقول کتاب الله الصادق عنهم:
(وَإِذْ أَخَذْنَا مِیثَاقَکُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَکُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَیْنَاکُم بِقُوَّهٍ وَاذْکُرُوا مَا فِیهِ لَعَلَّکُمْ تَتَّقُونَ)، ۶۳/البقره.
(وَإِذْ أَخَذْنَا مِیثَاقَ بَنِی إِسْرَائِیلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَیْنِ إِحْسَانًا وَذِی الْقُرْبَى وَالْیَتَامَى وَالْمَسَاکِینِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِیمُوا الصَّلَاهَ وَآتُوا الزَّکَاهَ ثُمَّ تَوَلَّیْتُمْ إِلَّا قَلِیلًا مِّنکُمْ وَأَنتُم مُّعْرِضُونَ)، ۸۳/البقره.
(وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِیثَاقَ الَّذِینَ أُوتُوا الْکِتَابَ لَتُبَیِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَکْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِیلًا فَبِئْسَ مَا یَشْتَرُونَ)، ۱۸۷/آل عمران.
(فَبِمَا نَقْضِهِم مِّیثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِیَهً یُحَرِّفُونَ الْکَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِّمَّا ذُکِّرُوا بِهِ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَهٍ مِّنْهُمْ إِلَّا قَلِیلًا مِّنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ یُحِبُّ الْمُحْسِنِینَ)، ۱۳/المائده.
هذا هو موقف بنی إسرائیل -إلاّ قلیلاً منهم – من مواثیق الله المغلّظه التی منها المیثاق الذی قارنه رفع الطور فوقهم تخویفاً شدیداً لهم من نقضه وقطعاً لسبیل ادّعائهم نسیانه، فکیف سیکون موقفهم من العهود من الضعاف المرتمین فی أحضانهم طلباً لنصرتهم وحمایتهم والذود عنهم، والتضحیه فی سبیل البقاء لکراسیهم إذا استغنوا عنهم أو اقتضى الأمر أن ترکبهم خسائر ببقاء تحالفهم معهم؟
التطبیع فعله طائشه، وجریمه فی حق المطبعین مع إسرائیل أنفسهم، وبأشدّ من غیرهم.
*بیّنوا لنا أی مطلب وفائده ترونها مناسبه، ونتمنى توجیه رساله للأمه الإسلامیه، وخاصهَ لشعب إیران وأیضاً لشعب البحرین المظلوم
کلٌّ من طریق النصر والهزیمه مفتوح أمام کلّ الأمم، والنصر الحقیقی طریقه واحد لا غیر، طریق هذا النصر فی الأخذ بمنهج الله والتمسک الصدق بدین الله، وبذل کل الجهد والتوحّد والتنسیق والتعاون وإخلاص النیه لله، وعدم نفاذ الصبر الإیجابی وتجنب الصبر السلبی المذموم، ونظم الأمر أتم نظم.